الطاهر ساتي يكتب: الشجاعة المفقودة..!!
إليكم …….
:: مطلع هذا الأسبوع، مخاطباً وقفة احتجاجية لبعض العاملين، قال المدير المكلف لهيئة الموانئ البحرية: (ليس هناك أي اتجاه للخصخصة، ونقف بجانب العمال وضد تشريدهم، والاجتماع مع وزير النقل المكلف كان خاص بإنشاء مربط بوابة أفريقيا الحرة، وتم تشكيل لجنة فنية للدراسة).. هكذا الحدث، إذ يبدو كأنهم سمعوا باجتماع الوزير والمدير، فنادوا بعضهم: (تعالوا نقفلها، عشان ما يخصخصوها).. وبعد تعطيل العمل، علموا بأن اجتماع الوزير والمدير كان لشيء آخر غير الأوهام التي في رؤوسهم..!!
:: وتعطيل العمل بموانئ السودان – بالوقوف الاحتجاجي والإغلاق السياسي – صار عصياً على الرصد والإحصاء، وإن لم يكن التعطيل أسبوعياً، فثلاث مرات في الشهر، على الأقل.. وأغرب ما في الأمر، فإن كل من يقطن بشرق السودان، عاملاً فيها أو غير عامل، يملك سُلطة تعطيل العمل بموانئ السودان، إذ كل المطلوب أن يحمل أي عامل – أو أي سياسي أو ناظر أو عمدة – لافتات قماش ذات شعارات ثورية واصطحاب أي عدد من الأهل والمعارف، ثم الوقوف أمام (البوابات)..!!
:: وليس مهماً أسباب تعطيل العمل بالموانئ، منطقية كانت الأسباب أو (فارغة)، وحقيقية كانت أسباب الغضب أو (وهمية) مثل أسباب مطلع هذا الأسبوع، بحيث عطّلوا العمل غضباً على ما توهموا بأن اجتماع الوزير والمدير خاص بالخصخصة وتشريد العاملين، ثم علموا – بعد تعطيل العمل – بأن اجتماع الوزير والمدير كانا لتشييد مربط جديد بالموانئ.. لو استخدموا عقولهم، قبل تعطيل العمل، لسألوا مديرهم عن أجندة اجتماعه مع وزير النقل قبل، ولكن انشغلت عقولهم بالتحضير للتعطيل..!!
:: والمهم.. كما كتبت كثيراً، منذ عهد البشير ثم حمدوك والبرهان، ليست هناك مشاكل في موانئ السودان غير غياب الرؤية والشجاعة في الخرطوم، وليس في بورتسودان.. لا شيء غير الخصخصة المغضوب عليها عمالياً، والتي يخافها المسؤولين، هي الحل، ولكن الشجاعة التي تقرر الخصخصة (مفقودة).. ومن يقفون احتجاجاً على الخصخصة يعلمون بأن الموانئ المصرية التي يستخدمها تجار السودان – عند تعطيل العمل بميناء بورتسودان – تديرها شركات القطاع الخاص، وليست الحكومة المصرية..!!
:: وكذلك السواد الأعظم من موانئ العالم، تُدار بواسطة القطاع الخاص، فما الذي يمنع تطوير موانئ السودان بالقطاع الخاص كما تفعل الدول، بما فيها العظمى؟ ولماذا التوجُّس من شركات القطاع الخاص، وطنية كانت أو أجنبية؟.. فالصوت الرافض لإشراك القطاع الخاص في تشغيل الموانئ هو (المنتفع)، والحكومات الضعيفة دائماً ما تخشى (ذوي الحلاقيم)، رغم قناعتها بأن تحرير التشغيل والخدمات هو الحل الأمثل لتجاوُز كل أنواع الفشل والعجز والتردي بكل القطاعات، بما فيها قطاع النقل..!!
:: بنص قانون سلطة الموانئ البحرية – لسنة 2018 – نالت هيئة الموانئ السلطات الرقابية والسيادية، وهذا يكفي.. ويجب طرح عطاء التشغيل في الهواء الطلق، وإفساح المجال للقطاع الخاص بالداخل والخارج، بكل شفافية، لتطوير التشغيل والخدمات.. فالحكومةُ لا تُدمِن غير الترهُّل والفساد، ولكن القطاع الخاص يتقن التشغيل وتطوير الخدمات، ولا يسمح بتحويل الموانئ إلى (نظارات) أو منصات حزبية، بحيث يغلقها من يشاء كما يشاء، فتتكدّس الحاويات وتهرب السفن وتخسر البلاد..!!
:: لقد تأخّر تطوير الموانئ بالقطاع الخاص، وليس بمن يعطلون العمل غضباً على تصريح مسؤول بالشرق أو غير مسؤول بالخرطوم.. فالشركات هي التي نهضت بموانئ الدول التي من حولنا، بما فيها ميناء العين السخنة الذي نستخدمه عند تعطيل موانئنا (العين السخنة).. ولو أتقنت الحكومة الرقابة والإشراف، فإن الشركات تُتقِن تشغيل الخدمات، وكل ميسر لما خلق له.. ولنا تجارِب ناجحة، ومنها الاتصالات، إذ هي إحدى ثمار تقزيم السلطة الحكومية لحد الاكتفاء بالإشراف والرقابة..!!
:: على صُنّاع القرار التحلي بالشجاعة، وإطلاق سراح الموانئ من قيود الإنتاج، بحيث تكتفي الحكومة بالمهام الرقابية والسيادية، وتفتح فرص التشغيل والخدمات للقطاع الخاص بكل وضوح.. فلتكن شراكة أو خصخصة، فالاسم ليس مُهمّاً.. فالمهم أن تكون لدينا (موانئ)، بدلاً عن تلك المنابر الحزبية والمنصات القبلية المسماة بالموانئ..!!
نشر بصحيفة اليوم التالي السودانية
البرهان: نطالب بتصنيف ميليشيا الدعم السريع “مجموعة إرهابية”
رئيس مجلس السيادة: مساعدة السودان تقتضي إعادة النظر في تجميد عضويته بالاتحاد الإفريقي بكين…